السبت، 27 يونيو 2015

من تاريخ طريق الحجاز القديم (طريق الملك عبد العزيز سابقاً) 

من تاريخ طريق الحجاز القديم (طريق الملك عبد العزيز سابقاً) 
1343هـ كانت أول رحلة يسلك فيها الملك عبد العزيز هذا الطريق على ظهور الجمال 

 

منذ أن تولّى جلالة الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - زمام الحكم في المملكة العربية السعودية، كان همه الأكبر توحيد المملكة وتوطيد الأمن في جميع مناطقها الشاسعة والمتباعدة، بما في ذلك الطرق الطويلة التي تربط بين هذه المناطق والتي كان لزاماً الاهتمام بأمنها وسلامتها، وخاصة تلك الطرق التي يسلكها الحجاج، ولعل أهمها ذلك الطريق الذي يربط شرق المملكة بغربها والذي يسلكه حجاج شرق المملكة ووسطها، وكذلك الحجاج القادمون من شرق آسيا والعراق وإيران ودول الخليج العربي، فقد أولى - طيَّب الله ثراه - هذا الطريق عناية خاصة لأهميته حيث اتخذه طريقاً رسمياً لرحلاته من الرياض إلى مكة المكرمة، وقد كانت أول رحلة رسمية لجلالته على هذا الطريق عام 1343هـ على ظهور الجمال، وكانت على خمس مراحل، المرحلة الأولى من الرياض إلى مرات، والثانية من مرات إلى الدوادمي، والثالثة من الدوادمي إلى عفيف، والرابعة من عفيف إلى المويه، والخامسة من المويه إلى عشيرة فمكة المكرمة. وكان يرافق جلالته في رحلاته عدد من الأدباء والمفكرين العرب وغير العرب، استغلوا هذه المرافقة في تدوين أحداث وفعاليات هذه الرحلات ووصف المدن والقرى التي يمرون بها، وعلى سبيل المثال كانت مرات إحدى هذه البلدان التي يقيم فيها جلالته يومان أو ثلاثة. يقول الشيخ يوسف ياسين(1)، وهو ممن رافق الملك في رحلته الأولى على ظهور الجمال عام 1343هـ: (وفي اليوم الرابع مشينا بعد صلاة الصبح ثم بعد طلوع الشمس بقليل وصلنا قرية مرات فنزلنا بها بقية يومنا وليلتنا ....الخ. كما يذكر أمين الريحاني(2) من مرافقي جلالته في هذه الرحلة أيضاً, يقول: (وها هو قد أناخ في مرات بلد امرئ القيس فجاءته الوفود من الوشم وسدير مسلمة عليه ........الخ). وبعد هذه الرحلة سمي هذا الطريق بطريق الحجاز - طريق الملك عبد العزيز - وأما بقية رحلاته التي تلت هذه الرحلة كانت على السيارات، وقد سلك نفس المسار الأول وكان يقيم في نفس البلدان التي أقام به في رحلته الأولى ( مرات - الدوادمي - عفيف - المويه - عشيرة).كانت حكومة جلالته حريصة على سلامة الحجاج وأحوالهم وتسهيل ما يعوقهم في طريقهم، فقبيل موسم الحج تنظم لجان من أمراء البلدان الواقعة على هذا الطريق - طريق الحجاز القديم، طريق الملك عبد العزيز - لتفقد مساره ومساعدة سالكيه وتبيان معالمه وعلاماته، حيث إنه لم يكن معبداً في ذلك الوقت.ونظراً لاهتمامي الخاص في السنوات الأخيرة بالبحث والتقصي والتدوين لكل ما يخص ماضي وتاريخ مرات - مسقط رأسي - من أخبار وأحداث، فقد توفرت لدي بعض الوثائق التي لامست رغبة قديمة في نفسي للكتابة عن من يستحق الوفاء والإشادة، فعند الحديث عن هذا الطريق والاهتمام به وأمنه لا يمكن لأحد أن ينكر دور وجهود أميرنا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز منذ توليه إمارة منطقة الرياض، فقد كانت له بصمات واضحة وجهود ملموسة في الإشراف والمتابعة المباشرة على هذا الطريق الحيوي الذي يسلكه الحجاج والمسافرون وخاصة قبل أن يعبّد، فكثرة المسارات المتفرعة والمتشعبة منه، وكذلك الطرق الوعرة والرمال الغزيرة والمتحركة بسبب شدة الرياح التي بدورها تخفي معالم الطريق واتجاهاته وخاصة عند السير ليلاً، كل هذا يجعل مستخدمي هذا الطريق يتيهون عن المسار الصحيح للطريق.وحيث إن مرات إحدى هذه البلدان الواقعة على هذا الطريق، وتعد المحطة الأولى للملك عبد العزيز أثناء سفره من الرياض إلى الحجاز، ففي أواخر الأربعينات الهجرية من القرن الماضي، أمر المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بإقامة (مبرقة) في مرات التي كانت في بداياتها تقتصر على متابعة الملك لشئون الدولة وتدبُّر أمورها أثناء سفره للحجاز، وفي عام 1361هـ تم افتتاحها رسمياً وإتاحة خدماتها لأمراء المناطق والمواطنين، وأسهمت المبرقة في تتبع أحوال الحجيج وتسهيل ما يواجههم من عقبات وتقديم ما يحتاجونه من دعم ومساندة من قِبل حكومة المملكة آن ذاك.وترتبط إمارة مرات منذ إنشائها بإمارة منطقة الرياض وتحظى - كغيرها من مدن وقرى المنطقة - باهتمام ورعاية ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وسمو نائبه - حفظهما الله -، ويتجلى حرص سموه على سلامة الحجاج والمسافرين في تكليف أمراء البلدان الواقعة على هذا الطريق والتابعة لإمارة الرياض، بالوقوف أنفسهم والإشراف المباشر على تخطيط وتبيان معالم هذا الطريق وتحري ملاءمته وسلامته لخدمة الحجاج ومستخدميه، ووضع علامات وإرشادات ولافتات ثابتة تبيِّن مناطق الرمال والاتجاهات الصحيحة, ويتبيّن ذلك من خلال هذه الوثيقة (3) التي تعود إلى أكثر من نصف قرن بتاريخ 26- 1-1376هـ، ونصها: المدير العام للقراشات الملكية الخاصة, سنعوا مع عبدالله العامري سيارة ونيت تسافر معه إلى مرات ويتوجه معه أمير مرات إلى الدوادمي ومن هناك يقومون مع أمير القويعية في رحلة لتخطيط الطرق التي يلزم أن تسير معها السيارات ثم يعود العامري للرياض وسنعوا السيارة بالمحروقات اللازمة لها ذهاباً وإياباً. 

أمير الرياض-سلمان 

كما يحرص - حفظه الله - على سلامة وفود الأمراء والرؤساء من البلدان الإسلامية الذين يسلكون هذا الطريق وتأدية فريضة الحج بكل يسر وسهولة, وعندما يتمون حجهم ويتوجهون من الحجاز إلى الرياض يتابع سموه سيرهم لحظة بلحظة من خلال إرسال برقيات متبادلة إلى أمراء البلدان الواقعة على طول الطريق للاطمئنان على سلامة وصولهم وتذليل ما يعوق سيرهم، ونلمس ذلك من هذه البرقية(4) التي أرسلها - حفظه الله - عام 1376هـ لأمير مرات وأمير الدوادمي في ذلك الوقت لمتابعة موكب سيارات آل ثاني أمراء قطر وتوجههم إلى الرياض. ونص البرقية: 

أمير مرات, أمير الدوادمي: 

(سيتوجه من الحجاز إلى الرياض الشيخ قاسم بن ثاني ثم بعده سيتوجه الشيخ علي بن ثاني وسيمرون بكم فأخبرونا عن وصولهم بطرفكم وتوجههم). 

سلمان 

وهذه برقية أخرى(5) أرسلها حفظه الله في عام 1377هـ لأمير مرات لإجراء التسهيلات المعتادة بقرب وصول بعثة الحج الطبية الكويتية، ونصها: 

أمير مرات 

ورد من الكويت أن بعثة الحج الطبية الكويتية ستتوجه بطريق البر بعد أربعة أيام برئاسة يوسف المصنف والدكتور حسن زاهد قف. اعتمدوا إجراء التسهيلات المعتادة لهم. 

أميرالرياض 

ويتضح للقارئ الكريم من خلال هذا العرض التاريخي حرص جلالة الملك عبد العزيز وأبنائه الكرام على كل ما فيه خدمة الحجيج وتسهيل مهام قيامهم بهذه الشعيرة منذ قيام الدولة وحتى عهدنا الزاهر بقيادة مليكنا عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه -، حيث شيدت الطرق الواسعة وصممت على أفضل المواصفات العالمية والتي تربط منافذ الدولة والدول المجاورة بالبقاع الطاهرة، وخصصت فرق أمنية تعمل على مدار الثانية لمتابعة هذا الطرق والمحافظة على أمن وسلامة سالكيها. 

1- الرحلة الملكية - يوسف ياسين - ط1 - 1416هـ، ص 37. 

2- نجد وملحقاتها - أمين الريحاني - ط1، ص 363. 

3- من أرشيف مكتبة الملك فهد الوطنية. 

4- من أرشيف إمارة مرات. 

5- من أرشيف إمارة مرات. 

إعداد :عبد الله بن عبد العزيز الضويحي 

للتواصل ص. ب 58 مرات 11933

للتواصل ص. ب 58 مرات 11933

فاكس 016231805 

فاكس 016231805

المصدر


http://www.al-jazirah.com/2007/20070902/wo4.htm


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق